كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال حجة الإسلام الدنيا منزل من منازل السائرين إلى اللّه تعالى والبدن مركب ومن ذهل عن تدبير المنزل والمركب لم يتم سفره وما لم ينتظم أمر المعاش في الدنيا لا يتم أمر التبتل والانقطاع إلى اللّه الذي هو السلوك‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الرقاق ‏(‏هب‏)‏ عن ابن عباس قال الحاكم في مستدركه على شرطهما وأقره الذهبي في التلخيص واغتر به المصنف فرمز لصحته وهو عجيب ففيه جعفر بن برقان أورده الذهبي نفسه في الضعفاء والمتروكين وقال قال أحمد يخطئ في حديث الزهري وقال ابن خزيمة لا يحتج به‏.‏ ‏(‏حم في الزهد‏)‏ قال الزين العراقي إسناد حسن ‏(‏حل هب عن عمرو بن ميمون‏)‏ ابن مهران الجوزي سبط سعيد بن جبير تابعي ثقة فاضل ‏(‏مرسلاً‏)‏ قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لرجل وهو يعظه اغتنم إلى آخره وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه لقول مغلطاي وغيره لا يجوز لحديثي عزو حديث في أحدها لغيره إلا لزيادة فائدة فيه أو بيان مافيه وليس كذلك فقد خرجه النسائي في المواعظ عن عمرو هذا باللفظ المزبور‏.‏

1211 - ‏(‏اغتنموا الدعاء‏)‏ أي اجتهدوا في تحصيله وفوزوا به فإنه غنيمة ‏(‏عند الرقة‏)‏ بكسر الراء وشدة القاف أي عند لين القلب وخشوعه وقشعرير البدن بمشاهدة عظمة اللّه أو خوفاً من عذابه أو حباً من كرمه أو غير ذلك مما يحدث الرقة وهو ضد القسوة التي هي علامة البعد عن الرّب ‏{‏فويل للقاسية قلوبهم‏}‏ ‏(‏فإنها رحمة‏)‏ أي فإن تلك الحالة ساعة رحمة فإذا دعى العبد فيها كان أرجى للإجابة والدعاء عند الرقة يصدر عن القلب حالة رغبة ورهبة فتسرع الإجابة قال تعالى ‏{‏يدعوننا رغباً ورهباً‏}‏ أي عن قلب راغب راهب خاشع ‏{‏وكانوا لنا خاشعين‏}‏‏.‏

- ‏(‏فر‏)‏ وكذا القضاعي ‏(‏عن أبيَّ‏)‏ بن كعب وفيه عمر بن أحمد أبو حفص ابن شاهين قال الذهبي قال الدارقطني‏:‏ يخطىء وهو ثقة وشبابة بن سوار قال في الكاشف مرجيء صدوق وقال أبو حاتم لا يحتج به‏.‏

1212 - ‏(‏اغتنموا دعوة المؤمن المبتلى‏)‏ أي في نفسه أو أهله أو ماله فإن دعاءه أقرب للقبول وأرجى للإجابة لكسر قلبه وقربه ‏[‏ص 17‏]‏ من ربه لأنه تعالى إذا أحب عبداً ابتلاه وفي ضمنه حث على التصدق عليه والإحسان إليه فإنه سبب إلى دعائه والكلام في غير المبتلى العاصي ببلائه‏.‏

- ‏(‏أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏‏)‏ في كتاب الثواب ‏(‏عن أبي الدرداء‏)‏ وفيه الحسين بن الفرج قال الذهبي قال ابن معين كذاب يسرق الحديث وفرات بن سليم ضعيف جداً‏.‏

1213 - ‏(‏اغد‏)‏ أي اذهب وتوجه والمراد كن ‏(‏عالماً‏)‏ معلماً للعلم الشرعي واحرص على نشر العلم ونفع الناس به وبقولي كن يعلم أنه ليس المراد حقيقة الذهاب كما وهم ‏(‏أو متعلماً‏)‏ للعلم الشرعي ولو بأن ترحل لمن يعلمه وإن بعد محله وجوباً للواجب وندباً للمندوب فقد رحل الكليم عليه السلام للخضر لمزيد علم لا يجب لأنه كتب ‏{‏له في الألواح من كل شيء موعظةً وتفصيلاً لكل شيء‏}‏ ‏(‏أو مستمعاً‏)‏ له ‏(‏أو محباً‏)‏ لواحد من هؤلاء ‏(‏ولا تكن الخامسة فتهلك‏)‏ قال عطاء وقال لي مسعر زدتنا خامسة لم تكن عندنا والخامسة أن تبغض العلم وأهله فتكون من الهالكين وقال ابن عبد اللّه البر‏:‏ هي معاداة العلماء أو بغضهم ومن لم يحبهم فقد أبغضهم أو قارب وفيه الهلاك وقال الماوردي‏:‏ من اعتقد أن العلم شين وأن تركه زين، وإن للجهل إقبالاً مجدياً وللعلم إدباراً مكدياً كان ضلاله مستحكماً ورشاده مستبعداً وكان هو الخامس الهالك ومن هذا حاله فليس له في العدل نفع ولا في الاستصلاح مطعم ومن ثم قيل لبزرجمهر ما لكم لا تعاقبون الجهال قال إنا لا نكلف العمي أن يبصروا ولا الصم أن يسمعوا إلى هنا كلامه وقد وقع لنا هذا الحديث عالياً أخبرنا الشيخ الوالد تاج العارفين عن الشيخ الصالح معاذ عن قاضي القضاة شيخ الإسلام يحيى المناوي عن الحافظ الكبير شيخ الإسلام وليّ الدين العراقي عن أبي الفرج عبد الرحمن أحمد القربي عن علي بن إسماعيل بن قريش عن إسماعيل بن غزوان عن فاطمة بنت سعد الخير عن أبي القاسم الطبراني عن محمد بن الحسين الأنماطي عن عبد اللّه بن جناد الحلبي عن عطاء بن مسلم عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه يرفعه وفيه بيان شرف العلم وفضل أهله والحث على تعلمه وتعليمه‏.‏

- ‏(‏والبزار‏)‏ في مسنده ‏(‏طس عن أبي بكرة‏)‏ بفتح الموحدة وسكون الكاف وبفتحها أيضاً نفيع بضمّ النون وفتح الفاء وظاهر تخصيص الأوسط بالعزو أن الطبراني لم يخرجه إلا فيه والأمر بخلافه بل خرجه في معاجيمه الثلاثة قال الهيثمي ورجاله موثقون وتبعه السمهودي وهو غير مسلم فقد قال الحافظ أبو زرعة العراقي في المجلس الثالث والأربعين بعد الخمس مئة من إملائه هذا حديث فيه ضعف ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة وعطاء بن مسلم وهو الخفاف مختلف فيه وقال أبو عبيد عن أبي داود إنه ضعيف وقال غيره ليس بشيء‏.‏

1214 - ‏(‏اغدوا‏)‏ اذهبوا وقت الغداة وهي أول النهار فليس معنى الغدو هنا معناه فيما قبله كما ظن ‏(‏في طلب العلم‏)‏ أي في طلب تحصيله بكرة النهار أي أوله ‏(‏فإني سألت ربي أن يبارك لأمتي في بكورها‏)‏ أي فيما تفعله في أول النهار أي سألته فأعطاني ذلك وفي القاموس الغدوة بالضم البكرة أو ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس ‏(‏ويجعل‏)‏ ربي ‏(‏ذلك‏)‏ أي حصول البركة ‏(‏يوم الخميس‏)‏ أي يجعل مزيد البركة في البكور في يوم الخميس فالبكور مبارك وهو يوم الخميس أكثر بركة وفيه أنه يندب أن يكون الجلوس لتعلم العلم أول النهار وأنه يندب الشروع في يوم تعلمه الخميس أو الإثنين خلاف ما عليه العرف العام الآن بيوم الأحد لكونه أول الأسبوع أو الأربعاء لكونه يوم النور وكان بعض من جمع بين العلم والولاية يوصي بالتأليف والقراءة يوم الإثنين والخميس، والبركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء ومعناه ‏[‏ص 18‏]‏ هنا حصول الفهم وسهولة التحصيل ومصير ما يتعلم في أول النهار سيما يوم الخميس نافعاً‏.‏

- ‏(‏طس عن عائشة‏)‏ قال الهيثمي فيه أيوب بن سويد وهو يسرق الحديث‏.‏

1215 - ‏(‏اغدوا في طلب العلم فإن الغدو بركة ونجاح‏)‏ قال حجة الإسلام المراد بالعلم في هذه الأخبار كلها العلم النافع المعروف للصانع والدال على طريق الآخرة فهو الذي نفعه عظيم وأجره عميم أوحى اللّه إلى داود تعلم العلم النافع قال ما العلم النافع قال أن تعرف جلالي وعظمتي وكبريائي وكمال قدرتي على كل شيء فهذا الذي يقربك إليّ وقال عليّ كرّم اللّه وجهه ما يسرني لو مت طفلاً وأدخلت الجنّة ولم أكبر فأعرف ربي فإن أعلم الناس باللّه أشدّهم خشية وأكثرهم عبادة وأحسنهم في اللّه نصيحة فمن طلب العلم ليصرف به الوجوه إليه ويجالس به الأمراء ويباهي النظراء ويتصيد الحطام فتجارته بائرة وصفقته خاسرة‏.‏

- ‏(‏خط عن عائشة‏)‏ رمز المصنف لضعفه وهو كما قال ففيه ضعفاً‏.‏

1216 - ‏(‏اغزوا‏)‏ أمر من الغزو وهو الجهاد ‏(‏قزوين‏)‏ بفتح القاف وسكون الزاي وكسر الواو وسكون التحتية مدينة عظيمة مشهورة خرج منها جماعة من العلماء في كل فن ‏(‏فإنه‏)‏ أي الغزو أو ذلك البعد المسمى بهذا الاسم ‏(‏من أعلا أبواب الجنّة‏)‏ قال الرافعي يجوز رد الكناية إلى الغزو ويجوز ردها إلى قزوين والتذكير على تقدير الصرف إلى البلد والموضع بمعنى أن تلك البقعة مباركة مقدّسة وأنها تصير في الآخرة من أشرف بقاع الجنّة فلا يليق أن يكون مسكناً للكفار وأما علة جعل الضمير للغزو فالمراد أن غزو أهل ذلك البلد فاضل جداً يربو على فضل غزو غيرها من البلدان بحيث يوصل إلى استحقاق الدخول من أعلا أبواب الجنة وقد وقع غزوها وفتحت في زمن الصحابة وما ذكر من أنه الرواية فإنه هو الثابت الموجود في خط المؤلف لما في نسخ من إبدالها بأنها أصل له‏.‏

- ‏(‏ابن أبي حاتم والخليلي معاً في‏)‏ كتاب ‏(‏فضائل قزوين عن بشر‏)‏ بكسر الموحدة وسكون المعجمة ‏(‏ابن سلمان الكوفي عن رجل‏)‏ من التابعين ‏(‏مرسلاً خط في فضائل قزوين عن بشر بن سلمان عن أبي السري عن رجل نسي أبو السري اسمه وأسند عن أبي زرعة‏)‏ الرازي عبيد اللّه بن عبد الكريم الحافظ ‏(‏قال ليس قي قزوين حديث أصح من هذا‏)‏ أي ليس في الأخبار الواردة في فضل قزوين خبر أصح منه ولا يلزم من هذا كونه صحيحاً ولا حسناً‏.‏

1217 - ‏(‏اغسلوا أيديكم‏)‏ عند إرادة الشراب وإن كانت طاهرة ‏(‏ثم اشربوا فيها‏)‏ ندباً ‏(‏فليس من إناء أطيب من اليد‏)‏ وفي رواية بدله فإنها أنظف آنيتكم فيندب فعل ذلك ولو مع وجود الآنية ولا نظر لاستكراه المترفين المتكبرين لذلك وما استطابه الشارع فهو الطيب وهذا الفعل مأثور عن الأنبياء في الزمن الأول فقد روي أن عيسى عليه السلام كان له إناء يشرب فيه فرأى رجلاً يشرب بيديه فما زال يشرب كذلك حتى رفع‏.‏

- ‏(‏هب عن ابن عمر‏)‏ ابن الخطاب قال مررنا على بركة فجعلنا نكرع فيها فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم لا تكرعوا أي لا تتناولوا الماء بالفم كالبهائم ولكن اغسلوا أيديكم فذكره وقال الحافظ ابن حجر إسناده ضعيف ولا ينافي النهي عن الكرع هنا ما في البخاري أن المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم دخل على أنصاري وهو يحوّل الماء في حائطه فقال النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم إن كان عندك ماء بات الليلة في شنة وإلا كرعنا الحديث لأن النهي عن الكرع للتنزيه والفعل لبيان الجواز أو قصة الأنصاري قبل النهي أو النهي في حال الضرورة والفعل فيها‏.‏

‏[‏ص 19‏]‏ 1218 - ‏(‏اغسلوا ثيابكم‏)‏ أي أزيلوا أوساخها ‏(‏وخذوا من شعوركم‏)‏ أي أزيلوا شعر الإبط والعانة وما طال من نحو شارب ولحية بقص أو غيره ‏(‏واستاكوا‏)‏ بما يزيل القلح في كل حال إلا بعد الزوال للصائم ‏(‏وتزينوا‏)‏ بالادهان وتحسين الهيئة ولبس ما لا خشونة فيه ولا يخل بالمروءة ‏(‏وتنظفوا‏)‏ بإزالة الروائح الكريهة واستعملوا الطيب ووقت ذلك عند الحاجة وهو مرة في كل أسبوع غالباً ويكره تأخيره عن أربعين يوماً ثم علل ذلك بقوله ‏(‏فإن بني إسرائيل لم يكونوا يفعلون ذلك‏)‏ بل يهملون أنفسهم شعثاً غبراً دنسة ثيابهم وسخة أبدانهم ‏(‏فزنت نساؤهم‏)‏ أي استقذرتهم فزهدت قربهم ورغبوا في أناس على ضد ذلك من الطهارة والنزاهة والتزين ومالت إليهم نفوسهن وطمحت لهم شهواتهن فسارعوا إلى الخنا فكان الزنا‏.‏ وعلم منه أنه يسن للرجل أن ينظف ثوبه وبدنه ويدهن غباً ويكتحل وتراً ويقلم أظفاره وينتف شعر إبطه إن أطاقه ويحلق عانته وينتف شعر أنفه ويقص من الشارب ما يبين به طرف الشفة بياناً ظاهراً والمرأة كالرجل ويتأكد للمتزوجة ما اقتضاه ظاهر الخبر من أن الندب في الرجل خاص بالمتزوج غير مراد‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في ترجمة عبد الرحيم التميمي ‏(‏عن علي‏)‏ أمير المؤمنين قال المؤلف في الأصل وفيه عبد اللّه ابن ميمون القداح ذاهب الحديث انتهى وللأمر بالتنظيف شواهد والمنكر قوله فإن إلى آخره‏.‏

1219 - ‏(‏اغفر‏)‏ أمر من الغفر وهو ستر الذنب أي اعف عمن لك عليه ولاية وقد صدر منه شيء يوجب التأديب ولم يكن حداً ‏(‏فإن عاقبت فعاقب بقدر الذنب‏)‏ أي إن لم تعف وكنت معاقباً فلا تتجاوز قدر الجرم ولا تتعدى حدود الشرع ولا تضرب ضرباً مبرحاً وإن لم يفد إلا هو ‏(‏واتق الوجه‏)‏ فلا تجعله محلاً للمعاقبة بضرب ولا غيره لأنه تشوبه له فيحرم ضرب الوجه من كل آدمي وحيوان محترم كما مر وصدّر بالعفو إشارة إلى الحث عليه وأن الحزم قهر النفس بقودها إليه لما هو مركوز في جبلة الإنسان من حب الانتقام والتكبر على جميع الأنام قال بعض العارفين ما من نفس إلا وهي مضمرة ما ظهره فرعون من قوله ‏{‏أنا ربكم الأعلى‏}‏ لكن فرعون وجد مجالاً فأظهر حين استخف قومه وما من أحد إلا وهو يدعي ذلك مع خدمه وأتباعه ومن هو تحت قهره فإن غيظه عند تقصيرهم في حقه لا يصدر إلا عن إظهار الكبر ومنازعة الربوبية في رداء الكبرياء‏.‏

- ‏(‏طب وأبو نعيم في المعرفة‏)‏ أي كتابه معرفة الصحابة ‏(‏عن جزء‏)‏ بفتح الجيم وسكون الزاي وهمزة وهو ابن قيس بن حصن ابن أخي عيينة بن حصن أحد الوفد الذين قدموا على النبي صلى اللّه عليه وسلم مرجعه من تبوك وكان من جلساء عمر قال قلت يا رسول اللّه إن أهلي عصوني فيم أعاقبهم قال تعفو ثلاثاً فإن عاقبت إلخ كذا في رواية الطبراني وسبب تحديث جزء به أن عمه عيينة دخل على عمر فقال ها ابن الخطاب واللّه ما تعطينا الجذل ولا تحكم بيننا بالعدل فغضب عمر حتى همّ أن يوقع به فقال له الجزء يا أمير المؤمنين إن اللّه قال لنبيه ‏{‏خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين‏}‏ ثم ذكر هذا الخبر‏.‏

1220 - ‏(‏أغنى الناس‏)‏ أي أكثرهم غنى ‏(‏حملة القرآن‏)‏ أي حفظة القرآن عن ظهر قلب العاملون بما فيه الواقفون عند حدوده ورسومه الآمرون بما أمر به الناهون هما نهى عنه ثم هذا الغنى يحتمل غنى النفس بمعنى أنهم يرون أن ما منحوه من تيسر حفظه هو الغنى الحقيقي وأن غني بالمال في جنب ذلك لا عبرة به لأنه غاد ورائح ويحتمل أن حفظه والعمل به يجلب الغنى بالمال‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن أنس‏)‏

‏[‏ص 20‏]‏ 1221 - ‏(‏أغنى الناس حفظة القرآن‏)‏ والمراد بهم ‏(‏من جعله اللّه تعالى في جوفه‏)‏ أي سهّل له حفظه عن ظهر قلب مع العمل به كما تقرر قال أبو إسحاق الدمشقي كنت أمشي بالبادية وحدي فإذا أعييت رفعت صوتي بالقرآن فحمل عني ألم الجوع حتى قطعت مراحل كثيرة‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه أيضاً ‏(‏عن أبي ذر‏)‏ الغفاري‏.‏

1222 - ‏(‏افتتحت‏)‏ وفي رواية لعلي فتتحت بلا ألف ‏(‏القرى بالسيف‏)‏ أي بالقتال به ‏(‏وافتتحت المدينة‏)‏ طيبة ‏(‏بالقرآن‏)‏ لأن الجهاد كما يكون تكلف الأسباب والعدد والآلات المتعبة الشاقة يكون بتعلق القلوب بكلام علام الغيوب فجمع اللّه لرسوله بين الأمرين وخصه بالجمع بين الجهادين الظاهر والباطن دعاء الأنصار إلى اللّه ليلة العقبة وتلى عليهم القرآن تلاوة بجمع همة وتوجه تام فانجذبت قلوبهم وانصدعت لهيبته فدخلوا في الدين طوعاً بل قهراً فلما رجعوا إلى قومهم بالمدينة سرى ذلك السرّ إليهم فآمنوا قبل أن يعاينوه فأعظم بها من منقبة للأنصار‏.‏

- ‏(‏هب‏)‏ من حديث الحسن بن محمد ابن زبالة عن مالك عن هشام عن أبيه ‏(‏عن عائشة‏)‏ رمز المصنف لحسنه وهو زلل فقد قال الذهبي قال أحمد هذا حديث منكر إنما هذا من قول مالك، وقد رأيت هذا الشيخ يعني ابن زبالة وكان كذاباً انتهى وقال في الضعفاء قال ابن معين وأبو داود هو كذّاب وفي الميزان هذا منكر وقال ابن حجر في اللسان إن هذا حديث معروف بمحمد بن الحسن بن زبالة وهو متروك متهم وفي المطالب العالية تفرد برفعه محمد بن الحسن بن زبالة وكان ضعيفاً جداً وإنما هو قول مالك فجعله ابن الحسن مرفوعاً وأبرز له إسناداً انتهى والحديث أورده ابن الجوزي من حديث أبي يعلى عن عائشة وحكم بوضعه وتعقبه المؤلف بأن الخطيب رواه بسند هو أصلح طرقه فكان عليه أن يؤثره هنا‏.‏

1223 - ‏(‏افترقت‏)‏ بكسر الهمزة من الافتراق ضد الاجتماع ‏(‏اليهود على إحدى‏)‏ مؤنث واحد ‏(‏وسبعين فرقة‏)‏ بكسر الفاء وهي الطائفة من الناس ‏(‏وتفرقت‏)‏ هو بمعنى افترقت فمغايرة التعبير للتفنن ‏(‏النصارى على اثنتين وسبعين فرقة‏)‏ معروفة عندهم ‏(‏وتفرقت أمتي‏)‏ في الأصول الدينية لا الفروع الفقهية إذ الأولى هي المخصوصة بالذم وأراد بالأمة من تجمعهم دائرة الدعوة من أهل القبلة ‏(‏على ثلاث وسبعين فرقة‏)‏ زاد في رواية كلها في النار إلا واحدة زاد في رواية لأحمد وغيره والجماعة أي أهل السنة والجماعة وفي رواية هي ما أنا عليه اليوم وأصحابي وأصول الفرق ستة

حرورية وقدرية وجهمية ومرجئة ورافضة وجبرية وانقسمت كل منها إلى اثنتي عشرة فرقة فصارت اثنين وسبعين وقيل بل عشرون روافض وعشرون خوارج وعشرون قدرية وسبعة مرجئة وواحدة نجادية وواحدة فرارية وواحدة جهمية وثلاث كرامية وقيل وقيل وقال المحقق الدواني وما يتوهم من أنه إن حمل على أصول المذاهب فهي أقل من هذه العدة أو على ما يشمل الفروع فهي أكثر توهم لا مستند له لجواز كون الأصول التي بينها مخالفة مقيد بها هذا العدد أو يقال لعلهم في وقت من الأوقات بلغوا هذا العدد وإن زادوا أو نقصوا في أكثر الأوقات‏.‏ واعلم أن جميع المذاهب التي فارقت الجماعة إذا اعتبرتها وتأملتها لم تجد لها أصلاً فلذلك سموا فرقاً لأنهم فارقوا الإجماع وهذا من معجزاته لأنه إخبار عن غيب وقع وهذه الفرق وإن تباينت مذاهبهم متفقون على إثبات الصانع وأنه الكامل مطلقاً الغني عن كل شيء ولا يستغني عنه شيء ‏(‏فإن قيل‏)‏ ما وثوقك بأن تلك الفرقة الناجية هي أهل السنة والجماعة مع أن كل واحد من الفرق يزعم أنه هي دون غيره‏؟‏ قلنا ليس ذلك بالادعاء والتثبت باستعمال الوهم القاصر والقول الزاعم بل بالنقل عن جهابذة ‏[‏ص 21‏]‏ هذه الصنعة وأئمة أهل الحديث الذين جمعوا صحاح الأحاديث في أمر المصطفى صلى اللّه عليه و سلم وأحواله وأفعاله وحركاته وسكناته وأحوال الصحب والتابعين كالشيخين وغيرهما الثقات المشاهير الذين اتفق أهل المشرق والمغرب على صحة ما في كتبهم وتكفل باستنباط معانيها وكشف مشكلاتها كالخطابي والبغوي والنووي جزاهم اللّه خيراً ثم بعد النقل ينظر إلى من تمسك بهديهم واقتفى أثرهم واهتدى بسيرتهم في الأصول والفروع فيحكم بأنهم هم وفيه كثرة أهل الضلال وقلة أهل الكمال والحث على الاعتصام بالكتاب والسنة ولزوم ما عليه الجماعة‏.‏

-‏(‏4‏)‏ وكذا الحاكم والبيهقي ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الزين العراقي في أسانيده جياد ورواه الحاكم من عدة طرق ثم قال هذه أسانيد تقوم بها الحجة وعده المؤلف من المتواتر‏.‏

1224 - ‏(‏افرشوا‏)‏ بضم فسكون فضم ويجوز كسر الهمزة والراء وهي بصيغة الأمر من الفراش قال الحرائي وهو بساط يضطجع عليه للراحة ‏(‏لي قطيفتي‏)‏ بالقاف كساء له خمل وجمعه قطاف وقطف كصحاف وصحف وكانت قطيفته حمراء نجرانية يتعظى بها ‏(‏في لحدي‏)‏ إذا دفتموني قد فعل شقران مولاه ذلك إشارة إلى أنه كما فارق الأمة في بعض أحكام حياته فارقهم في بعض أحكام مماته التي منها ما أشار إليه بقوله ‏(‏فإن الأرض‏)‏ أي بطنها ‏(‏لم تسلط على‏)‏ أكل ‏(‏أجساد الأنبياء‏)‏ وحق لجسد عصمه اللّه عن البلى والتغير والاستحالة أن يفرش له في قبره لأن المعي الذي يفرش للحي لأجله لم يزل عنه الموت وليس الأمر في غيره على هذا النمط، ومنه يعلم أن هذا لا يعارض مذهب الشافعي في كراهة وضع فرش تحت الميت لأن كلامهم في غير الأنبياء ممن يتغير ويلي وما في الاستيعاب من أنها أخرجت قبل إهالة التراب لم يثبت وعد المصنف الفرش له فيه من الخصائص ومراده أنه من خصائصه على أمته لا على الأنبياء بقرينة قوله فإن الأرض إلى أخره‏.‏

قال أبو الحسن المالكي في شرح الترغيب حكمة عدم أكل الأرض أجساد الأنبياء ومن ألحق بهم أن التراب يمر على الجسد فيطهره والأنبياء لا ذنب لهم فلم يحتج إلى تطهيره بالتراب‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ محمد في الطبقات ‏(‏عن الحسن‏)‏ البصري ‏(‏مرسلاً‏)‏ وإسناده حسن وله شواهد‏.‏

1225 - ‏(‏أفرض أمتي‏)‏ أي أعرفهم بعلم الفرائض ‏(‏زيد بن ثابت‏)‏ بن الضحاك الأنصاري البخاري المدني أبو سعيد أو أبو خارجة روى عنه ابن عمر وأنس بن مالك وعروة وخلق وهو كاتب الوحي، قدم المصطفى صلى اللّه عليه وسلم المدينة وعمره إحدى عشرة سنة وكان حفظ قبل الهجرة سبع عشرة سورة فأعجب المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ذلك فقال يا زيد تعلم لي كتاب اليهود، فما مضى نصف شهر حتى حذق به وتعلم العبرانية والسريانية في سبع عشرة ليلة وكان من الراسخين في العلم وندبه الصديق لجمع الفرائض وكان عمر إذا حجّ استخلفه على المدينة وعدّه مسروق من الستة الذين هم أهل الفتوى من الصحابة وقد أخذ الشافعي بقوله في الفرائض لهذا الحديث ووافق اجتهاده اجتهاده قال القفال ما تكلم أحد في الفرائض إلا ووجد له القول في بعض المسائل هجره الناس إلا زيداً فإنه لم ينفرد بقول وما قال قولاً إلا تبعه عليه جمع من الصحابة وذلك يقتضي الترجيح قال الماوردي وفي معنى الحديث أقوال أحدها أنه قاله حثاً للصحب على منافسته والرغبة في تعليمه كرغبته لأنه كان منقطعاً إلى تعلم الفرائض بخلاف غيره، الثاني قاله تشريفاً له وإن شاركه غيره فيه كما قال أقرؤكم أبيَّ‏.‏ الثالث خاطب به جمعاً من الصحب كان زيد أفرضهم، الرابع أراد به أن زيداً كان أشدّهم عناية وحرصاً عليه، الخامس قاله لأنه كان أصحهم حساباً وأسرعهم جواباً وقد كان الصحب يعترفون له بالتقدم في ذلك، وناهيك بتلميذه ترجمان القرآن فإنه أخذ عنه وبلغ من تعظيمه له أن زيداً صلى على جنازة أمه فقربت له بغلته ليركب فأخذ ابن عباس بركابه فقال زيد خلي عنها يا ابن عم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال ‏[‏ص 22‏]‏ هكذا نفعل بعلمائنا فقبّل زيد يده وقال هكذا نفعل بأهل بيت نبينا قال ابن الأثير كان زيد عثمانياً ولم يشهد مع علي شيئاً من حروبه وكان يعظمه جداً ويظهر فضله‏.‏ مات سنة اثنين أو ثلاث أو ثمان وأربعين أو إحدى أو خمس أو ست وخمسين ولما مات قال أبو هريرة مات حبر الأمة‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الفرائض من حديث أبي قلابة ‏(‏عن أنس‏)‏ وصححه فاغتر به المصنف فرمز لصحته وفيه ما فيه فقد قال الحافظ ابن حجر قد أعل بالإرسال قال وضاع أبي قلابة من أنس صحيح إلا أنه قيل لم يسمع منه هذا وقد ذكر الدارقطني الإختلاف فيه على أبي قلابة في العلل ورجح هو وغيره إرساله انتهى لكن ذكر ابن الصلاح أن الترمذي والنسائي وابن ماجه رووه بإسناد جيد يلفظ أفرضكم زيد قال وهو حديث حسن‏.‏

1226 - ‏(‏أفش‏)‏ بهمزة قطع مفتوحة ‏(‏السلام‏)‏ ندباً أي أظهره برفع الصوت أو بإشاعته بأن تسلم على من تراه تعرفه أم لا تعرفه فإنه أول أسباب التآلف ومفتاح استجلاب التودد مع ما فيه من رياضة النفس ولزوم التواضع واعظام حرمات المسلمين ورفع التقاطع والتهاجر وهذا العموم خصه الجمهور بغير أهل الكفر والفجور قال ابن حجر وعكس أبو أمامة فأخرج عن الطبراني بسند جيد أنه كان لا يمر بمسلم ولا نصراني ولا صغير ولا كبير إلا سلّم عليه فقيل له فقال أمرنا بإفشاء السلام وكأنه لم يطلع على دليل الخصوص ‏(‏وابذل‏)‏ بموحدة فمعجمة ‏(‏الطعام‏)‏ أي أعطه وجد به للخاص والعام من كل محترم ‏(‏واستحي من اللّه كما تستحي رجلاً‏)‏ أي من رجل ‏(‏من رهطك ذي هيئة - قوله ذي هيئة‏:‏ كذا المصنف، فلعل الراوية كذلك، فتأمل في إعرابه ولعله جر للمجاورة‏:‏ اهـ- وليحسن‏)‏ بلام الأمر فمثناة تحت مفتوحة فحاء ساكنة فسين مضمومة ‏(‏خلقك‏)‏ قرنه بلام الأمر دون غيره مما ذكر معه إيماءاً إلى أنه أس ما ذكر قبله وبعده وعماد الكل ‏(‏وإذا أسأت‏)‏ إلى أحد بقول أو فعل ‏(‏فأحسن‏)‏ إليه كذلك ‏(‏فإن الحسنات يذهبن السيئات‏)‏ أرشد إلى إيصال النفع بالقول والفعل فالقول كإفشاء السلام وفي معناه كل قول كشفاعة وتعليم خير وهداية ضال وإنذار مشرف ونحوها والفعل كالإطعام وفي معناه كل فعل ككسوة عار وسقي ظمآن ونحوها وختم بالأمر بالإحسان لما أنه اللفظ الجامع الكلي وفيه الحث على الجود والسخاء ومكارم الأخلاق وخفض الجناح للمسلمين والتواضع والحث على تآلف قلوبهم واحتماع كلمتهم وتواددهم واستجلاب ما يحصل ذلك والحديث يشتمل على نوعي المكارم لأنها إما مالية والإطعام إشارة إليها أو بدنية والسلام إشارة إليها‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي فيه ابن لهيعة وفيه لين وبقية رجاله ثقات‏.‏

1227 - ‏(‏أفشوا‏)‏ بهمزة قطع مفتوحة ‏(‏السلام‏)‏ بينكم ‏(‏تسلموا‏)‏ من التنافر والتقاطع وتدوم لكم المودة وتجمع القلوب وتزول الضغائن والحروب فأخبر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أن السلام يبعث على التحابب وينفي التقاطع قال الماوردي وقد جاء في كتاب اللّه تعالى ما يفيده قال اللّه تعالى ‏{‏ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم‏}‏ فحكى عن مجاهد أن معناه ادفع بالسلام إساءة المسيء قال بعضهم وإفشاء السلام ابتداء يستلزم إفشاءه جواباً وقال ابن دقيق العيد استدل بالأمر بالإفشاء من قال بوجوب الابتداء بالسلام وفيه نظر إذ لا سبيل إلى القول بأنه فرض عين على التعميم من الجانبين وهو أن يجب على كل أحد أن يسلم على كل من لقيه لما فيه من الحرج والمشقة فإذا سقط من جانبي العمومين سقط من جانبي الخصوصين إذ لا قائل بأنه يجب على واحد دون الباقين وإذا سقط على هذه الصورة لم يسقط الاستحباب لأن العموم بالنسبة إلى كلا الفريقين ممكن انتهى قال ابن حجر‏:‏ وهذا البحث ‏[‏ص 23‏]‏ ظاهر في حق من قال إن ابتداء السلام فرض عين لا كفاية إذا قلنا إنه واجب على واحد لا بعينه‏.‏

- ‏(‏خد ع هب حب‏)‏ كلهم عن ‏(‏البراء‏)‏ بن عاوب قال ابن حبان صحيح وقال الهيثمي رواه عنه أحمد وأبو يعلى ورجاله ثقات‏.‏

1228 - ‏(‏أفشوا السلام بينكم تحابوا‏)‏ يحذف إحدى التائين للتخفيف أي تأتلف قلوبكم وفيه مصلحة عظيمة من اجتماع قلوب المسلمين وتناصرهم وتعاضدهم ولهذا قال بعضهم إنه أدفع للضغينة بغير مؤنة واكتساب أخوة بأهون عطية، وصدر هذا الحديث لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا إلى آخره وإفشاؤه نشره لكافة المسلمين من عرف ومن لم يعرف قال النووي الإفشاء الإظهار والمراد نشر السلام بين الناس ليحيوا سنته وأقله أن يرفع صوته بحيث يسمع المسلم عليه فإن لم يسمعه لم يكن آتياً بالسنة ويستحب أن يرفع صوته بقدر ما يتحقق أنه سمعه‏.‏

- ‏(‏ك عن أبي موسى‏)‏ قال الحاكم صحيح وتبعه المصنف فرمز لصحته‏.‏

1229 - ‏(‏أفشوا السلام فإنه‏)‏ أي إفشاؤه المفهوم من أفشوا ‏(‏للّه تعالى رضى‏)‏ أي هو مما يرضى اللّه به عن العبد بمعنى أنه يقبله ويثيبه عليه قال القيصري ومعنى سلام عليكم سلمت مني أن أضرك أو آذيك بظاهري وباطني والإفشاء الإظهار قال ابن العربي من فوائد إفشاء السلام حصول الألفة فتتآلف الكلمة وتعم المصلحة وتقع المعاونة على إقامة شرائع الدين وإخزاء الكافرين وهي كلمة إذا سمعت أخلصت القلب الواعي لها غير الحقود إلى الإقبال على قائلها‏.‏

- ‏(‏طس عد عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الهيثمي فيه سالم بن عبد الأعلى أبو الفيض متروك فرمز المصنف لحسنه غير مرضي‏.‏

1230 - ‏(‏أفشوا السلام‏)‏ قال القاضي إفشاء السلام رفع الصوت به وإشاعته قال ويستثنى من ندب رفع الصوت بالسلام ما لو دخل مكاناً فيه نيام فالسنة ما ثبت في صحيح مسلم أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كان يجيء من الليل فيسلم تسليماً لا يوقظ نائماً ويسمع اليقظان ‏(‏كي تعلوا‏)‏ أي يرتفع شأنكم فإنكم إذا أفشيتموه تحاببتم فاجتمعت كلمتكم فقهرتم عدوكم وعلوتم عليه، وأراد الرفعة عند اللّه‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي هريرة‏)‏ رمز المصنف لضعفه وليس كما زعم فقد قال الحافظ المنذري إسناده جيد، والهيثمي وغيره‏:‏ إسناده حسن‏.‏

1231 - ‏(‏أفشوا السلام‏)‏ أظهروه، ودخل في عموم إفشائه من دخل مكاناً ليس فيه أحد لقوله تعالى ‏{‏فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم‏}‏ ذكره ابن حجر وفي الأدب بسند حسن عن ابن عمر يستحب إذا لم يكن بالبيت أحد أن يقول السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين ‏(‏وأطعموا الطعام‏)‏ قال العراقي المراد به هنا قدر زائد على الواجب في الزكاة سواء فيه الصدقة والهدية والضيافة، والأمر للندب وقد يجب ‏(‏واضربوا الهام‏)‏ أي رؤوس الكفار جمع هامة بالتخفيف الرأس قال الزين العراقي اقتصر فيه على ضرب الهام لأن ضرب الرؤوس مفض للّهلاك بخلاف بقية البدن قإنه تقع فيه الجراح ويبرأ صاحبها فإذا فسد الدماغ هلك صاحبه ‏(‏تورثوا الجنان‏)‏ التي وعد بها المتقون لأن أفعالهم هذه لما كانت تخلف عليهم الجنان فكإنهم ورثوها قال الطيبي‏:‏ والحديث من باب التكميل كقوله تعالى ‏{‏أشداء على الكفار رحماء بينهم‏}‏ إذ تخصيص الهام بالضرب يدل على بطالتهم وشدة ضربتهم وقال بعضهم جمع المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بين هذه القرائن المتعددة إشارة إلى جواز التسجيع لكن شرطه عدم التكلف والتصلف بدليل قوله في خبر آخر‏:‏ أسجع كسجع الكهان‏.‏ وذم المستشريق بإظهار فصاحتهم لصرف الوجوه إليهم وحاشى المصطفى صلى اللّه عليه ‏[‏ص 24‏]‏ وسلم عن قصد ذلك بل إذا قصد البيان لدين اللّه سمح طبعه الزكي وعنصره العربي بترادف قرائن لكمال فصاحته بغير تكلف في استخراجها وهذا الحديث رواه أيضاً العسكري عن عبد اللّه بن سلام بنحوه وزاد بيان السبب فقال لما قدم المصطفى صلى اللّه عليه وسلم المدينة انجفل الناس قبله فقيل قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فجئت في الناس لأنظر فلما رأيته عرفت أنه ليس بوجه كذاب وكان أول شيء تكلم به أن قال يا أيها الناس أفشوا السلام إلخ‏.‏

- ‏(‏ت عن أبي هريرة‏)‏ وقال حسن غريب انتهى‏.‏

1232 - ‏(‏أفشوا السلام‏)‏ قال بعضهم والحكمة فيه أن ابتداء التلاقي وما ألحق به من مواطن مشروعية السلام ربما نشأ عنه خوف أو كبر من إحدى الجانبين فشرع نفيهما بالبداءة بتحية السلام إزالة للخوف وتحلياً بالتواضع واستثنى بعضهم من طلب إفشاء السلام ما لو علم من إنسان أنه لا يرد عليه فلا يسلم عليه لئلا يوقعه في المعصية وتعقبه النووي بأن المأمورات الشرعيه لا تترك لمثل ذلك ولو نظرنا لذلك بطل إنكار كثير من المنكرات ورده ابن دقيق العيد بأن مفسدة توريط المسلم أشد من ترك مصلحة السلام سيّما وامتثال الإفشاء يحصل مع غيره ‏(‏وأطعموا الطعام‏)‏ فإن فيه قوام البدن قال البيهقي يحتمل إطعام المحاويج ويحتمل الضيافة أو هما معاً وللضيافة في التآلف والتحابب أثر عظيم ‏(‏وكونوا إخواناً كما أمركم اللّه‏)‏ بها من الإخاء في اللّه والحب فيه قال سبحانه وتعالى ‏{‏إنما المؤمنون إخوة‏}‏ قال أبو الدرداء فيما أخرجه الحكيم الترمذي عنه ما لكم عباد اللّه لا تحابون وأنتم إخوان على الدين ما فرق بين أهوائكم إلا خبث سرائركم ولو اجتمعتم على أمر تحاببتم ما هذا إلا من قلة الإيمان في صدوركم ولو كنتم توقنون بخير الآخرة وشرها كما توقنون بأمر الدنيا لكنتم للآخرة أطلب فبئس القوم أنتم إلا قليلاً منكم ما حققتم إيمانكم بما يعرف به الإيمان البالغ فنبرأ منكم‏.‏

- ‏(‏ه عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب وكذا رواه النسائي‏.‏

1233 - ‏(‏أفضل الأعمال‏)‏ بعد الإيمان أي أكثرها ثواباً ‏(‏الصلاة لوقتها‏)‏ في رواية على وقتها واللام بمعنى في أو للإستقبال نحو ‏{‏فطلقوهن لعدّتهن‏}‏ وأما خبر أسفروا بالفجر فمؤول كما مر ‏(‏وبر الوالدين‏)‏ في رواية ثم بدل الواو ووجهه ظاهر، والصلاة أول وقتها أي المحافظة عليها المأمور به في آية ‏{‏حافظوا على الصلوات‏}‏ والمحافظة تكون بأدائها أول وقتها خوف فوت فضيلها وهذا حث على ندب المبادرة وخبر فصلى بي جبريل الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله بيان للجواز واعلم أن اللّه تعالى قد عظم شأن الوالدين وقرن حقهما بحقه وشركه بواو العطف في قوله ‏{‏وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً‏}‏ لأن اللّه تعالى خلق الولد وصوره وأخرجه إلى الدنيا ضعيفاً لا حيلة له ثم قيض له أبويه فتكفلا بتربيته لأنه لا قوام له بنفسه فلم يزالا يربيانه حتى أوصلاه إلى حد يقوم بنفسه ولو تركاه ونفسه هلك فكانا سبب تمام خلقه ونشأته فاللّه هو الخالق المصور حقيقة وهما المنشآن له مجازاً فلذلك لا يقدر أحد أن يقوم أحد بحق أبويه فإن من كان سبب نشأتك كيف تفي بحقه أو تفي بشكره ولذلك قرن تعالى عقوقهما بالشرك به كما قرن طاعتهما بطاعته ولما كان الشرك لا يغفر عظم قدر العقوق لاقترانه به فمن برّ والديه فقد برّ ربه لان في برهما برّه للإشتراك المتقدم ومن عقهما فقد عقه‏.‏

- ‏(‏م عن ابن مسعود‏)‏ قال سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أي العمل أفضل فقال الصلاة لوقتها قلت ثم أي قال برّ الوالدين قلت ثم أي‏!‏ قال الجهاد في سبيل اللّه‏.‏

1234 - ‏(‏أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها‏)‏ لأنها أعظم الوصل بين العبد وربه وهي عماد الدين وعصام النبيين مشتملة ‏[‏ص 25‏]‏ على ما لم يشتمل عليه غيرها من الكمالات ولهذا قال بعض أهل الكمال الصلاة طهرة للقلب واستفتاح لأبواب الغيوب تتسع فيها ميادين الأسرار وتشرق فيها شوارق الأنوار ثم ما أحسن تركيبها وما أبدع ترتيبها فكما أن الجنة قصورها لبنة من ذهب وأخرى من فضّة وملاطها المسك فالصلاة بناؤها لبنة من قراءة ولبنة من ركوع ولبنة من سجود وملاطها التسبيح والتحميد‏.‏

- ‏(‏د ت عن أم فروة‏)‏ الأنصارية صحابية لها حديث ويقال هي بنت أبي قحافة أخت أبي بكر الصديق رمز المصنف لصحته وكأنه ذهل عن قول الصدر المناوي وغيره فيه عبد اللّه بن عمر العمري غير قوي وقد تكلم فيه يحيى من جهة حفظه وعن قول الحافظ ابن حجر رواه أبو داود والترمذي وفي إسناده اضطراب‏.‏

1235 - ‏(‏أفضل الأعمال الصلاة لوقتها‏)‏ ‏.‏